مـضـغـوطـات سـيـزار، هـل هي مـنـحـوتـات فـنّـيـة ؟

 

 

تـرك سـيـزار César، الـفـنّـان الـفـرنـسي الـبـالـغ الـشّـهـرة، في بـدايـة سـتـيـنـات الـقـرن الـمـاضي، الـنّـحـت عـلى الـرّخـام لـغـلاء تـكـالـيـفـه، وبـدأ يـلـحـم قـطـعـاً مـعـدنـيـة يـجـمـعـهـا مـن هـنـا وهـنـاك لـيـكـوّن "مـنـحـوتـات" لـحـيـوانـات عـجـيـبـة أو أشـكـال أخـرى.

وقـد طـرق بـعـض هـذه الـقـطـع وضـغـطـهـا لـيـنـتـج "مـنـحـوتـات" مـعـدنـيـة صـغـيـرة، إلى أن وجـد بـالـصّـدفـة مـضـغـطـة (1) تـشـتـغـل بـقـوة الـمـيـاه في مـجـمـع نـفـايـات قـريـب مـن مـحـتـرفـه، وتـوصـل إلى تـصـلـيـحـهـا واسـتـعـمـالـهـا في إنـتـاج مـضـغـوطـات كـبـيـرة الأحـجـام.

والـتـقى سـيـزار في مـديـنـتـه الّـتي ولـد فـيـهـا، مـرسـيـلـيـا، في جـنـوب فـرنـسـا، بـالـكـاتـبـة والـصـحـفـيـة الـمـشـهـورة إدمـونـد شـارل ــ رو                  Edmonde Charles-Roux  الّـتي حـصـلـت عـام 1966 عـلى الـغـونـكـور، أهـم الـجـوائـز الأدبـيـة الـفـرنـسـيـة. وكـانـت إدمـونـد شـارل ــ رو زوجـة رئـيـس بـلـديـة تـلـك الـمـديـنـة في تـلـك الـسّـنـوات.

وقـد اقـتـرحـت الـكـاتـبـة عـلى الـفـنّـان، عـام 1979، أن يـضـغـط سـيـارتـهـا ريـنـولـت 16 (تـلـفـظ بـالـلـغـة الـفـرنـسـيـة : "رُنـو"، فـهـذه الـلـغـة تـبـتـلـع في الـغـالـب نـهـايـات الـكـلـمـات) والّـتي كـانـت قـد خـرجـت مـن الـمـصـنـع ذلـك الـعـام. ووضـع سـيـزار سـيّـارة الـكـاتـبـة في مـضـغـطـتـه لـيـحـولـهـا إلى كـتـلـة هـنـدسـيـة الـشّـكـل بـعـد أن أضـاف عـلـيـهـا قـطـع مـعـدن حـمـراء وزرقـاء وصـفـراء :

 

ومـا فـعـلـه سـيـزار لـيـس إلّا مـا يـفـعـلـه مـسـؤولـو مـجـمّـعـات الـسّـيّـارات الـقـديـمـة عـنـدمـا يـضـغـطـونـهـا لـتـقـلـيـص أحـجـامـهـا لـتـكـون كـتـلاً مـكـعـبـة أو مـسـتـطـيـلـة يـسـهـل نـقـلـهـا إلى الـمـصـانـع وتـدويـرهـا. ودوره كـنـحّـات اقـتـصـر عـلى إضـافـة قـطـع الـمـعـدن الـحـمـراء والـزّرقـاء والـصّـفـراء.

وأنـتـج سـيـزار بـعـد ذلـك عـدّة مـضـغـوطـات سـيّـارات، ولـكـنّـهـا تـبـقى قـلـيـلـة الأعـداد بـيـن الـكـمـيـات الـهـائـلـة مـن مـنـحـوتـاتـه.  

وقـد عـرضـت سـيّـارة سـيـزار الـمـضـغـوطـة : "رُنـو 16، 1979" ، لـلـبـيـع في شـهـر تـمّـوز الـمـاضي في إمـارة مـونـاكـو، وكـان ســعـر الـبـيـع الـمـتـوقّـع يـتـراوح بـيـن 300،000  و 400،000 يـورو. وقـد بـيـعـت بـ  334،560 يـورو ! 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  الـمِـكـبـس والـمِـضـغـطـة مـن أسـمـاء الآلـة، عـلى وزن مِـفـعـل ــ مِـفـعـلـة، مـثـل مِـقـصـلـة، مِـلـعـقـة، مِـكـنـسـة، مِـجـرشـة، مِـلـوَنـة (الـلـوح الّـذي يـخـلـط عـلـيـه الـرّسّـام ألـوانـه) ... إلـخ. والـفـرق بـيـنـهـمـا هـو أنّ الـمِـكـبـس يـكـبـس عـلى سـطـح الـشّئ، مـثـل مـا كـان مـسـتـعـمـلاً مـثـلاً في الـمـطـبـعـة الـحـجـريـة أو مـا يـسـتـعـمـلـه الـفـنّـان في طـبـاعـة الـغـرافـيـك أو الـلـيـثـوغـرافـيـا، أمّـا الـمِـضـغـطـة فـهي تـضـغـط الـشّئ مـن جـمـيـع جـهـاتـه لـتـقـلّـصـه مـثـل ضـغـط الـسّـيّـارات الـقـديـمـة لـتـقـلـيـصـهـا فـتـكـون كـتـلـة مـكـعـبـة أو مـسـتـطـيـلـة لـيـسـهـل نـقـلـهـا إلى الـمـصـانـع وتـدويـرهـا.